مقتل الهذالين وكشف تواطؤ الاحتلال الإسرائيلي
مقتل الناشط الفلسطيني عودة الهذالين يسلط الضوء على تصاعد العنف في الضفة الغربية، حيث تتواصل سياسة الاستيطان الإسرائيلية. المقال يناقش كيف أن العقوبات الرمزية لا تعالج جذور المشكلة، بل تعزز النظام الاستعماري. خَبَرَيْن.

في 28 يوليو/تموز 2025، أطلق مستوطن إسرائيلي النار على الناشط الفلسطيني عودة الهذالين في صدره، مما تسبب في إصابته بجروح تبين لاحقًا أنها قاتلة. تم تصوير الهجوم على شريط فيديو، وتم التعرف على مطلق النار على أنه يانون ليفي، وهو مستوطن سبق أن فرض عليه الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة عقوبات في عهد إدارة بايدن.
كان هذالين، البالغ من العمر 31 عامًا، ناشطًا محبوبًا ومعلمًا من مسافر يطا في جنوب جبل الخليل. كما لعب دورًا داعمًا في فيلم "لا أرض أخرى" الحائز على جائزة الأوسكار، والذي يصور قصة قريته التي تعرضت لهجمات لا هوادة فيها من المستوطنين والجنود المتحالفين مع المستوطنين لعقود.
مقتل هذالين ليس حالة معزولة على الإطلاق. فهو واحد من أكثر من 1000 فلسطيني استشهدوا في الضفة الغربية منذ بدء الإبادة الجماعية في غزة في أكتوبر 2023. يتزامن هذا التصاعد في العنف مع ارتفاع حاد في عمليات الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وهدم المنازل. وقد استخدمت الحكومة الإسرائيلية الإبادة الجماعية في غزة كغطاء لتسريع خططها للاستيلاء على الضفة الغربية. فقبل أيام فقط من دخول عطلتها الصيفية التي تستمر ثلاثة أشهر، أقر الكنيست الإسرائيلي اقتراحًا غير ملزم بضم الأراضي بأكملها.
يأتي اقتراح الكنيست بعد عام واحد من قرار محكمة العدل الدولية الصادر في تموز/يوليو 2024 بأن احتلال إسرائيل المستمر للأراضي الفلسطينية التي استولت عليها في عام 1967 غير قانوني ويجب إنهاؤه. وقد أمرت المحكمة النظام الإسرائيلي بتفكيك المستوطنات وتقديم تعويضات وتسهيل عودة النازحين الفلسطينيين، وحددت شهر أيلول/سبتمبر 2025 كموعد نهائي.
في الأشهر التي سبقت صدور حكم محكمة العدل الدولية، أعلنت دول من بينها أستراليا وفرنسا والمملكة المتحدة وكندا فرض عقوبات على حفنة من المستوطنين والكيانات المشاركة في المشروع الاستيطاني. وكان قاتل هذالين، يانون ليفي، من بين أولئك الذين فُرضت عليهم العقوبات. ومع ذلك، وكما هو متوقع، لم يكن لحظر السفر والقيود المالية التي فرضتها هذه الدول أي تأثير على أرض الواقع. فقد واصل ليفي هجماته على الفلسطينيين من بؤرته الاستيطانية غير القانونية، التي تعمل تحت حماية الجيش الكاملة.
ولم يقتصر الأمر على أن هذه العقوبات لم يكن لها أي تأثير فحسب، بل إنها من خلال استفراد عدد قليل من المستوطنين بدلًا من معالجة الآلية الأوسع للاستعمار الاستيطاني، تسمح أيضًا للنظام الإسرائيلي بالهروب من المساءلة من خلال تقديم عنف المستوطنين على أنه انحراف وليس امتدادًا لسياسة الدولة.
من خلال التمييز المتعمد بين المستوطنين "المتطرفين" وبقية النظام الإسرائيلي، تنفذ الدول تدابير رمزية تمكنها من اتخاذ موقف المدافع عن القانون الدولي مع تجنب أي مواجهة مع النظام نفسه.
والحقيقة هي أن إسرائيل تعمل كمشروع استيطاني، وسياسة الدولة الإسرائيلية كانت دائمًا تسعى إلى توسيع رقعة أراضيها في جميع أنحاء فلسطين التاريخية وخارجها، كما يتضح من احتلال أجزاء من جنوب سوريا ولبنان على مدى العامين الماضيين.
واليوم، يقيم أكثر من 700,000 مستوطن في الضفة الغربية والقدس الشرقية في أكثر من 250 مستوطنة وبؤرة استيطانية، وجميعها تنتهك القانون الدولي وتحظى بدعم البنية التحتية للدولة وقوات الأمن وأجهزة التخطيط. وقد تم تمكين هذا التوسع من خلال تدابير جوفاء مثل فرض العقوبات على ليفي، حيث لا يخدم استهداف عدد قليل من الأفراد سوى حماية النظام المسؤول عن النظام نفسه الذي يدعمونه.
هذه المسرحية السياسية عبثية تمامًا. لا يمكن للمرء أن يعاقب عنف المستوطنين بشكل مجدٍ بينما يحافظ على الدعم الدبلوماسي والاقتصادي والعسكري الكامل لنظام هو، بحكم تعريفه، نظام استيطاني. لا يمكن الفصل بين المستوطن والدولة. وإقرار أحدهما وإضفاء الشرعية على الآخر ليس مساءلة، بل تواطؤ. إن جريمة قتل هذالين ليست حالة شاذة بل هي نتيجة مباشرة لهذا النظام، وهو نظام تحميه وتموله وتبرره نفس الدول التي تدعي معارضته. مثل هذه الأفعال لا تتحدى الوضع الراهن، بل ترسخه وتطبّعه. إن كسر هذه الحلقة يتطلب من الدول أن تنهي دعمها لنظام الإبادة الجماعية الإسرائيلي المتمثل في الاستيطان والاحتلال كليًا، وذلك من خلال فرض عقوبات شاملة ومساءلة حقيقية تستهدف النظام وليس فقط جنوده القتلة.
أخبار ذات صلة

مقررة الأمم المتحدة ألبانيز ترفض العقوبات الأمريكية "المشينة" بسبب انتقادها لإسرائيل

إيران تنفذ حكم الإعدام بتسعة مقاتلين مدانين من داعش

بايدن لا يزال بإمكانه إنقاذ ما تبقى من غزة، ومن ثم تحسين إرثه المؤسف
