خَبَرَيْن logo

مراسم العفو في سوريا خدعة سياسية جديدة

تستمر الأزمات في سوريا مع مراسيم العفو التي يستخدمها الأسد كأداة للتلاعب بالمجتمع الدولي. المقال يكشف كيف تُستخدم هذه المراسيم كوسيلة للابتزاز، ويؤكد على ضرورة عملية سياسية حقيقية لإنهاء معاناة الشعب السوري. اقرأ المزيد في خَبَرَيْن.

صورة لجندي سوري يقف بجانب لافتات تحمل صور بشار الأسد، مع وجود زهور أمام سيارة قرب طريق بيروت، تعكس دعم النظام.
Loading...
يقف ضابط من الشرطة العسكرية السورية بالقرب من ملصقات للرئيس السوري بشار الأسد في دمشق بتاريخ 26 مايو 2021.
شارك الخبر:
FacebookTwitterLinkedInEmail

لا تصدقوا وعود النظام السوري بالعفو

تواجه سوريا منذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011 أزمات سياسية وإنسانية مستمرة. وعلى مر السنين، أصبح من الواضح أن نظام بشار الأسد لا ينوي تغيير نهجه أو الانخراط في عملية سياسية تؤدي إلى حل شامل ومستدام.

وكانت إحدى أدواته الأساسية للتلاعب بالمشهد السياسي هي إصدار مراسيم عفو عن السجناء السياسيين والرجال في سن التجنيد الإجباري الذين تهربوا من الخدمة العسكرية الإلزامية. ويقدم هذه المراسيم على أنها خطوات تصالحية ولكن هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة.

فالمرسوم التشريعي رقم 27 الصادر في 22 أيلول/سبتمبر هو المرسوم الرابع والعشرون من نوعه منذ بداية الثورة السورية، ويعكس استراتيجية النظام المستمرة في التهرب من الضغوط السياسية والمماطلة في تقديم تنازلات سياسية جوهرية لتحقيق حل سياسي.

شاهد ايضاً: الصمت العالمي والتخلي: تدمير مستشفى كمال عدوان في غزة

ويستخدم الأسد هذه المراسيم كوسيلة لخداع المجتمع الدولي بأنه يبذل جهداً نحو الاستقرار والمصالحة.

لكن الفحص الدقيق لهذه المراسيم يكشف عن أنها تترك مجالاً كبيراً للأجهزة الأمنية للتلاعب بمصير الأفراد الذين يُزعم أنهم مشمولون بالعفو. فبينما تنص المراسيم على العفو عن بعض الجرائم، تبقى التهم التي يلفقها النظام ضد المعارضين السياسيين، مثل "الإرهاب" و"الخيانة العظمى"، مستثناة من العفو. وهذا يعني فعلياً أن غالبية المعتقلين السياسيين والنشطاء السياسيين لا يزالون خارج نطاق هذه المراسيم، مما يجعلها غير فعالة في توفير بيئة آمنة لعودة اللاجئين.

ومن المشاكل الأساسية التي تعاني منها هذه المراسيم عدم وجود رقابة قضائية مستقلة. حيث تتمتع الأجهزة الأمنية بسلطة تقديرية مطلقة في تحديد المستفيدين من العفو، مما يخلق بيئة مهيأة لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وبدلاً من أن تكون هذه المراسيم بمثابة وسيلة لتحقيق العدالة، تعمل كأدوات للابتزاز والإيقاع بالمعارضين الذين قد يعتقدون أن النظام جاد في هذه الجهود المسماة بالمصالحة. في الماضي، واجه العديد من العائدين الاعتقال أو التعذيب أو حتى الاغتيال عند عودتهم إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام.

شاهد ايضاً: رسالة مفتوحة من علماء الرياضيات ضد الإبادة الجماعية في غزة

وقد أثبتت دمشق مراراً وتكراراً أنها غير مستعدة للانخراط في عملية سياسية حقيقية. بل على العكس من ذلك، فهي تفضل التلاعب بالأدوات القانونية والسياسية لتأخير أي حل حقيقي مع الاستمرار في تعزيز سلطتها من خلال القوة العسكرية والدعم الخارجي. وتظل قرارات الأمم المتحدة، مثل قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار وبدء عملية انتقال سياسي، مجرد حبر على ورق بالنسبة للنظام. ويرفض النظام الالتزام بأي عملية تؤدي إلى انتقال السلطة ويرفض أي تغييرات هيكلية في جهاز الدولة، لا سيما بعد أن فقد جزءًا كبيرًا من سيادته لصالح حلفائه الأجانب.

وفي ضوء ذلك، يجب على المجتمع الدولي أن يدرك أن مراسيم العفو هذه ما هي إلا محاولات يائسة من الأسد للتهرب من متطلبات الحل السياسي. إن الاستمرار في منح نظامه فرصاً إضافية لتغيير سلوكه هو مضيعة للوقت ويزيد من معاناة الشعب السوري.

يجب على المجتمع الدولي أن يتبنى موقفاً أكثر حزماً وأن يربط أي تعامل مع دمشق بإحراز تقدم ملموس في العملية السياسية، بما في ذلك بدء عملية انتقال سياسي تضمن حقوق جميع السوريين وتضمن العدالة والمساءلة.

شاهد ايضاً: إسرائيل توافق على خطة لزيادة عدد المستوطنين في مرتفعات الجولان المحتلة

لا يمكن لسوريا أن تخرج من دوامة الحرب والمعاناة دون حل سياسي شامل يستند إلى قرارات الأمم المتحدة. ويجب أن يشمل هذا الانتقال السياسي تشكيل هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة، قادرة على تمثيل جميع مكونات الشعب السوري وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة. وفي غياب هذه الإجراءات، ستبقى سوريا غارقة في الفوضى، وسيستمر النظام في استخدام الأدوات القانونية والسياسية للتلاعب بمصير الشعب السوري.

إن الشعب السوري، الذي ناضل لسنوات من أجل حقوقه الأساسية في الحرية والكرامة والعدالة، لن يقبل بحلول جزئية أو تسويات. فالمطلوب هو عملية سياسية حقيقية تنهي معاناة ملايين السوريين داخل البلاد وخارجها، وتضع حداً لسياسات النظام الممنهجة في القمع والاعتقال التعسفي والتعذيب. وكلما تأخر الحل السياسي كلما زادت حدة الأزمات الإنسانية.

وفي نهاية المطاف، يبقى الحل السياسي هو السبيل الوحيد لاستعادة السلام في سوريا وضمان استقرارها. ولا يمكن للنظام أن يستمر في الاعتماد على مراسيم العفو لتأجيل سقوطه الحتمي، كما لا يمكن للمجتمع الدولي أن يبقى صامتاً أمام هذه المحاولات اليائسة. يجب على جميع الأطراف المعنية، المحلية والدولية، تحمل مسؤولياتها والعمل بجدية من أجل التوصل إلى حل سياسي عادل ومستدام يضمن حقوق جميع السوريين ويعيد بناء الدولة على أسس ديمقراطية.

أخبار ذات صلة

Loading...
مظاهرة حاشدة في دمشق حيث يتجمع الناس للاحتجاج، مع وجود أعلام سورية خلفهم، تعبيرًا عن مطالبهم السياسية.

مسؤولون أمريكيون في أول زيارة دبلوماسية إلى سوريا منذ إزاحة الديكتاتوري بشار الأسد

في خطوة تاريخية، يزور دبلوماسيون أمريكيون سوريا لأول مرة منذ الإطاحة ببشار الأسد، حيث يلتقون قادة البلاد الجدد لاستكشاف آفاق التعاون ودعم الشعب السوري. تعرّف على تفاصيل هذه المحادثات المثيرة وكيف يمكن أن تؤثر على مستقبل سوريا. تابعنا لمزيد من المعلومات.
الشرق الأوسط
Loading...
نساء وأطفال يتزاحمون للحصول على الطعام في غزة، مع ظهور معاناة الجوع والحرمان في عيونهم، وسط ظروف إنسانية صعبة.

أشعر بالجوع في غزة ولا أصدق أن العالم عاجز عن فعل شيء

في قلب المعاناة، تتجلى مأساة الجوع في غزة، حيث يتحول الطعام إلى حلم بعيد. منذ أكثر من عام، تعيش عائلتي تحت وطأة القصف والفقر، في واقع يفرض علينا شراء المساعدات بدلًا من الحصول عليها. تعالوا لتكتشفوا كيف يواجه الناس في غزة هذه الكارثة الإنسانية، ولنعمل معًا على نشر الوعي.
الشرق الأوسط
Loading...
دخان يتصاعد من مبنى مدمر بعد غارة جوية إسرائيلية في غزة، مع وجود آثار دمار واضح في المنطقة المحيطة.

استشهاد تسعة أفراد من عائلة في النصيرات جراء قصف إسرائيلي على غزة

في خضم الأزمات المتصاعدة، يستمر الجيش الإسرائيلي في استهداف المباني السكنية في غزة، مما أسفر عن استشهاد العشرات من المدنيين، بما في ذلك عائلات بأكملها. تعرّف على تفاصيل هذه الأحداث المؤلمة وكيف تؤثر على حياة الآلاف. تابع القراءة لتكتشف المزيد عن معاناة الفلسطينيين وأبعاد الصراع.
الشرق الأوسط
Loading...
محمد عفيف، المتحدث باسم حزب الله، يتحدث في مؤتمر صحفي حول الهجوم على منزل نتنياهو، محاطًا بعدد من الميكروفونات.

حزب الله يتبنى مسؤولية الهجوم بالطائرات المسيرة على منزل نتنياهو أثناء عطلة يوم السبت

في تصعيد غير مسبوق، أعلن حزب الله عن مسؤوليته عن الهجوم بطائرة مسيرة على منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، مما يفتح الباب أمام توترات جديدة في المنطقة. تابعوا معنا تفاصيل هذا الهجوم وأثره على العلاقات المتوترة بين لبنان وإسرائيل، وما يحمله المستقبل من مفاجآت.
الشرق الأوسط
الرئيسيةأخبارسياسةأعمالرياضةالعالمتكنولوجيااقتصادصحةتسلية