خَبَرَيْن logo

نكبة جديدة في غزة تعيد ذكريات الماضي

تجربة مؤلمة تتكرر عبر الأجيال، من النكبة إلى النزوح الحالي في غزة. عائلة حمدي تواجه الخوف والفقد، بينما تتجسد معاناتهم في صراع من أجل البقاء. قصة إنسانية تلامس القلوب وتسلط الضوء على الألم المستمر. خَبَرَيْن.

طفل يقف على أنقاض مبنى مدمر في غزة، يعكس آثار النزاع المستمر والمعاناة الإنسانية.
Loading...
يقف طفل فلسطيني على أنقاض منزل دمرته القوات الإسرائيلية في خان يونس في جنوب قطاع غزة في 7 أكتوبر 2024.
شارك الخبر:
FacebookTwitterLinkedInEmail

تاريخ النكبة: من بير السبع إلى غزة

كان جدي، حمدي، في الثامنة من عمره عندما هربت عائلته من بير السبع، وهي بلدة في جنوب فلسطين كانت معروفة بأرضها الخصبة وحياتها الزراعية. كان والده، عبد الرؤوف، مزارعًا يمتلك ما يقرب من 1,000 دونم من الأراضي ويزرع القمح، ويبيع المحصول للتجار في غزة. كانت العائلة تعيش حياة سعيدة ومريحة.

أحداث 1948 وتأثيرها على العائلات الفلسطينية

في تشرين الأول/ أكتوبر 1948، بعد عدة أشهر من إعلان القوات الأوروبية الصهيونية قيام إسرائيل، هاجمت القوات الإسرائيلية بئر السبع، مما أجبر آلاف الفلسطينيين، بمن فيهم عائلة جدي، على الفرار تحت تهديد المذبحة.

قال لي جدي كثيرًا: "هربنا من بير السبع عندما وصلت الميليشيات". "اعتقد والدي أن ذلك سيكون مؤقتًا فقط. تركنا منزلنا وأرضنا وحيواناتنا وراءنا، معتقدين أننا سنعود. لكن ذلك لم يحدث أبدًا."

شاهد ايضاً: الانتخابات السورية قد تستغرق حتى 4 سنوات لتنظيمها، وفقًا لما صرح به القائد الفعلي.

هربت عائلة حمدي سيرًا على الأقدام وبعربة تجرها الخيول. ما ظنوا أنه سيكون بضعة أسابيع من النزوح تحول إلى منفى دائم. ومثلهم مثل 700,000 فلسطيني آخر، كانوا ناجين مما نسميه الآن بالنكبة.

البحث عن الأمان: حياة عائلة حمدي في غزة

وجدت عائلة حمدي ملجأً في غزة، حيث أقاموا في ملاجئ مؤقتة ومع أقاربهم. ساعدهم أقاربهم في شراء قطعة أرض صغيرة في حي التفاح في غزة، على بعد 70 كم فقط من منزلهم في بئر السبع، الذي أعاد الإسرائيليون تسميته ببئر السبع. كافحت عائلة حمدي لإعادة بناء حياتها من جديد.

النكبة المعاصرة: تجربة شخصية في عام 2023

بعد مرور خمسة وسبعين عامًا على تجربة جدي في التهجير المؤلم والحزن والصراع من أجل البقاء على قيد الحياة، وقعتُ وعائلتي ضحية النكبة أيضًا.

التحذيرات والتهديدات: بداية النزوح الجديد

شاهد ايضاً: رسالة مفتوحة من علماء الرياضيات ضد الإبادة الجماعية في غزة

في الساعة الرابعة صباح يوم 13 أكتوبر 2023، رنّ هاتف والدتي. كنا جميعًا نائمين في غرفة واحدة من منزلنا في حي الرمال في مدينة غزة، نحاول أن نجد الراحة من صوت الطائرات بدون طيار والطائرات الحربية التي لا تهدأ في سماء غزة. أيقظنا الهاتف جميعًا.

كانت رسالة مسجلة مسبقًا من الجيش الإسرائيلي تحذرنا من أن منزلنا يقع في منطقة خطرة، وأننا تلقينا أوامر بالتحرك جنوبًا. انتابنا الخوف ونحن نركض إلى الخارج، لنرى المنشورات الإسرائيلية مبعثرة في كل مكان تحمل نفس التحذير. لم يكن أمامنا خيار سوى حزم بعض الملابس وبعض الفراش والهرب.

ذكريات النزوح: تجارب سابقة من الخوف

لم تكن هذه المرة الأولى التي نُجبر فيها على مغادرة منزلنا. فمنذ أن كنت في الثانية عشرة من عمري، عشت رعب الاعتداءات الإسرائيلية على غزة، والتي أجبرتنا مرارًا وتكرارًا على الفرار والعيش في خوف وعدم يقين.

شاهد ايضاً: هل يمكن للمعارضين الإسلاميين في سوريا إدارة البلاد؟ حكمهم في إدلب يقدم دلائل على ذلك

منذ أن كنت في الثانية عشرة من عمري، تعلمت التعرف على الأصوات المميزة للقنابل وطائرات إف 16 ومروحيات الأباتشي والطائرات بدون طيار. لقد عرفت عن كثب الرعب الذي تجلبه.

كانت عمليات النزوح السابقة مؤقتة، وكنا نأمل أن يكون هذا النزوح مؤقتًا أيضًا - تمامًا كما كان جدي يعتقد أن عائلته ستعود في نهاية المطاف.

الدمار وفقدان الأمل: آثار الحرب على المنزل

ولكن لا عودة في الأفق الآن. لقد تضرر منزلنا بشدة من دبابة إسرائيلية. احترق الطابق العلوي، وفُقد جدار كامل في الطابق السفلي. ودُمرت جميع ممتلكاتنا.

شاهد ايضاً: الأموات والمفقودون والملتقون من جديد: ثلاث قصص عن سجناء سوريا المعذبين

حقيبة اليد التي تحمل بعض الملابس التي أخذتها في 13 أكتوبر/تشرين الأول هي كل ما تبقى من ممتلكاتي.

الحياة في المخيمات: تحديات العيش في الزوايدة

توجهنا إلى الزوايدة وسط قطاع غزة للإقامة مع أقاربنا. وعلى طول الطريق، رأينا آلاف الفلسطينيين الآخرين يجرون حقائب الملابس ويبحثون عن الأمان.

من ملجأنا المؤقت، رأيت ألم المنفى في الزوايا المزدحمة في كل غرفة. تقاسمنا شقة مع 47 شخصًا آخر في شقة واحدة، وكان الخوف الذي يقشعر له البدن من عدم وجود مكان آمن. أمضينا شهرين في تلك الشقة المزدحمة بالقرب من شارع صلاح الدين. وفي نهاية المطاف، أجبرتنا الانفجارات المستمرة على الانتقال إلى منزل آخر في المنطقة.

شاهد ايضاً: الحوثيون يشتبكون مع سفن البحرية الأمريكية في خليج عدن

في 5 يناير/كانون الثاني، اشتدت حدة أصوات نيران القناصة والطلقات النارية. ثم جاء الانفجار المدوي للمدفعية والقنابل. جمعنا القليل الذي كان بحوزتنا وهربنا إلى دير البلح.

أُجبرنا على العيش في خيمة تتسع لثمانية أشخاص لمدة ثلاثة أشهر قبل أن ننتقل إلى غرفة صغيرة سيئة العزل في قطعة أرض يملكها أحد الأصدقاء. هذا هو المكان الذي نقضي فيه فصل الشتاء. يتسرب المطر من خلال نوافذ النايلون، والبرد لا يُطاق، مما يجعلنا لا ننام في معظم الليالي.

الألم النفسي: تأثير النزوح على الهوية الفلسطينية

لقد كافحنا لتأمين أبسط الاحتياجات الأساسية - الطعام والماء. خلال اليومين الماضيين، اضطررنا للبقاء على قيد الحياة على المياه الملوثة ورغيف خبز واحد. لقد استنزف الجوع قوتنا وأملنا.

شاهد ايضاً: الهجمات الإسرائيلية تودي بحياة اثنين وتجرح ستة في جنوب لبنان رغم اتفاق الهدنة

أفهم الآن نكبة عام 1948 بطريقة لم أفهمها من قبل. إنها قصة أجدادي تتكرر في جيلنا، ولكن في حدود غزة. وبصراحة، أشعر أنها أسوأ من نكبة عام 1948. فالأسلحة المستخدمة اليوم أكثر تطورًا بكثير، وتسبب دمارًا غير مسبوق وموتًا وإصابات جماعية غير مسبوقة، وهو أمر لم يكن لأجدادي أن يتخيلوه في عام 1948.

تجارب الجيل الجديد: فهم النكبة بشكل أعمق

الألم ليس جسديًا فقط. بل هو نفسي أيضًا. لقد كان لمشاهدة ما لا يمكن تصوره - الخوف المستمر، وفقدان الأحبة، والصراع من أجل البقاء على قيد الحياة - أثر كبير. خلال الليالي التي لا تنام، يطاردنا هدير الصواريخ الذي يصم الآذان وذكريات الجثث المقطعة الأوصال والمنازل المدمرة. أنظر إلى أفراد عائلتي وأرى كم تغيرت وجوههم؛ عيونهم الجوفاء ودموعهم الصامتة تتحدث عن الكثير. عندما أسير في الشارع، أرى مجتمعات معروفة بكرمها وتضامنها وقد حطمتها الخسارة والدمار.

الخوف من الطرد: مستقبل الفلسطينيين في غزة

من الواضح أن هدف إسرائيل هو إجبار الفلسطينيين على الخروج من فلسطين التاريخية بأي وسيلة. فالخوف من الطرد من غزة يغمرهم الخوف من الطرد من غزة. فمع تحول المنازل إلى ركام ومحو أحياء بأكملها من الوجود، نشعر بأن نفينا قد يكون وشيكاً. لم أتخيل أبدًا أن أترك منزلي، ولكن بعد أن فقدت كل شيء، لم أعد أشعر بأن غزة مكانًا للعيش فيه - فقط مقبرة لليأس والضياع.

النكبة: قصة فلسطين المستمرة

شاهد ايضاً: الشرطة الهندية تعتقل 23 شخصًا بعد اندلاع أعمال عنف في ولاية مانيبور الشمالية الشرقية

لا يوجد فلسطيني لم يتأثر بالتهجير، بالخوف من فقدان الوطن إلى الأبد. النكبة هي حقًا قصة فلسطين التي لا تنتهي.

أخبار ذات صلة

Loading...
دمار واسع في غزة يظهر مباني مهدمة وخيام مؤقتة، مما يعكس الأزمة الإنسانية الناتجة عن النزاع المستمر.

المناصرون يبدؤون حملة قانونية لاعتقال جندي إسرائيلي في الأرجنتين وتشيلي

في خطوة جريئة، يسعى المدافعون عن حقوق الإنسان في الأرجنتين وتشيلي لاعتقال جندي إسرائيلي متهم بجرائم حرب في غزة، مما يسلط الضوء على التزامهم بالعدالة الدولية. انضموا إلينا لاستكشاف تفاصيل هذه القضية المثيرة وكيفية تأثيرها على الساحة العالمية.
الشرق الأوسط
Loading...
قافلة من مركبات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة تسير في شوارع جنوب لبنان، وسط أجواء ممطرة، تعكس التوترات المستمرة في المنطقة.

كيف ولماذا فشلت قوات اليونيفيل في "الحفاظ على السلام" في لبنان؟

في خضم الفوضى التي تشهدها لبنان، تتعرض قوات اليونيفيل لانتقادات شديدة بسبب عجزها عن حماية المدنيين في وجه الهجمات الإسرائيلية المتواصلة. منذ عام 2023، سقط الآلاف بين قتيل وجريح، مما يثير تساؤلات ملحة حول فعالية هذه البعثة. هل ستتمكن اليونيفيل من استعادة دورها كحامية للسلام؟ تابعوا لتعرفوا المزيد عن هذه القضية المثيرة.
الشرق الأوسط
Loading...
اجتماع بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، يتبادلان الحديث في المكتب البيضاوي.

ترامب لن يكون أسوأ من بايدن بالنسبة لفلسطين والشرق الأوسط

منذ فوز ترامب، ظن البعض أن السياسة الأمريكية ستتغير لصالح فلسطين، لكن الواقع يظهر استمرار النهج ذاته. من دعم الاستيطان إلى تعزيز التطبيع مع إسرائيل، تواصل الإدارتان تقويض حقوق الفلسطينيين. اكتشف المزيد عن هذه الديناميكيات وتأثيرها على المنطقة.
الشرق الأوسط
Loading...
صورة لمدينة دمشق تظهر المباني السكنية والأسطح، مع وجود معالم دينية مثل الجوامع والكنائس، في سياق تصاعد التوترات الإسرائيلية.

غارات إسرائيلية تقتل ثلاثة مدنيين في دمشق، وفقاً للتلفزيون الرسمي

في تصعيد مقلق، قُتل ثلاثة مدنيين وأصيب تسعة آخرون جراء الغارات الإسرائيلية على دمشق، بينما تتصاعد التوترات في المنطقة. مع استمرار القتال في لبنان وسوريا، تزداد المخاوف من تحول النزاع إلى أزمة إقليمية. تابعوا التفاصيل الكاملة لتفهموا أبعاد هذا الصراع المتفجر.
الشرق الأوسط
الرئيسيةأخبارسياسةأعمالرياضةالعالمتكنولوجيااقتصادصحةتسلية