خَبَرَيْن logo

شتاء غزة بين الأمل واليأس في زمن المعاناة

شتاء غزة تحول من موسم للخير إلى كابوس من المعاناة. الأمطار أصبحت لعنة، والملاجئ المؤقتة غير كافية. الجوع والبرد يسيطران على الحياة. عائلات تتوسل للنجاة، بينما تلاشت ذكريات الدفء والبهجة. اكتشفوا القصة المؤلمة. خَبَرَيْن.

طفل يحمل حقيبة كبيرة يسير في شارع مغمور بالمياه في غزة، حيث يتجمع الناس حول شاحنة لتعبئة المياه وسط أجواء الشتاء القاسية.
طفل فلسطيني نازح يحمل حقيبة ويمشي حافي القدمين في مخيم غارق بالمياه، بعد هطول أمطار غزيرة شمال دير البلح في وسط قطاع غزة بتاريخ 24 نوفمبر 2024.
شارك الخبر:
FacebookTwitterLinkedInEmail

شتاء غزة: من البركة إلى المعاناة

كان الشتاء موسمًا محبوبًا في غزة. كان يُعتقد أنه يجلب "الخير" و"البركة". وكان الأطفال والبالغون على حد سواء يتطلعون إلى قدوم فصل البرد للتخفيف من حرارة الصيف.

ذكريات الشتاء الجميل في غزة

وعندما يأتي المطر أخيرًا، كان الأطفال يندفعون إلى الشوارع فرحين وهم يغنون "شتي يا دنيا شتي، واروي كل الأراضي، ليزرع الفلاح الخوخ والرمان والتفاح"

أهمية الأمطار للمزارعين والسكان

بالنسبة لغزة التي تعاني من شح المياه، كانت الأمطار نعمة بالفعل. كان المزارعون يرحبون بها ويبدأون الاستعداد لموسم المحاصيل الجديدة. وكانت الأسواق تمتلئ بالخضروات المزروعة محلياً مثل السبانخ والخس والجزر والخيار والفاكهة مثل البرتقال والكيوي والكاكي(البرسيمون) والفراولة.

تقاليد الشتاء: من السحلب إلى الكنافة

شاهد ايضاً: تصنيف الإبادة الجماعية ضروري لمعالجة الفظائع في غزة

أما بالنسبة لسكان المدن، فتكون الأيام الممطرة وقتًا للاسترخاء في المنزل، حيث يتدفأون تحت البطانيات الدافئة أو يجتمعون حول النار لإعداد الشاي أو احتساء "السحلب" - وهو مشروب حلو مصنوع من الحليب والنشا وجوز الهند المبشور والمكسرات.

وفي بعض الليالي التي تعود فيها الكهرباء من حين لآخر، كانت العائلات تجلس أمام التلفاز لمشاهدة فيلم أو مسلسل تلفزيوني.

وفي الأيام الباردة والجافة، كان الكثيرون يخرجون إلى شاطئ البحر للاستمتاع بنزهة أو لقاء الأصدقاء. كانت رائحة الذرة المشوية الحلوة والكستناء تملأ الهواء. كما كان الكثيرون يتوقفون عند محل الحلوى الشهير "أبو السعود" لتناول الكنافة الدافئة - سواءً من النوع العربي المحشو بالمكسرات أو المحشو بالجبن المسمى النابلسية.

تغيرات الشتاء في غزة: من الفرح إلى اليأس

شاهد ايضاً: إسرائيل تواصل قصف غزة، مما أسفر عن استشهاد 72، فيما تعثرت محادثات الهدنة

يبدو شتاء غزة الآن وكأنه من الماضي البعيد. لم يعد هناك متجر أبو السعود. لم يعد هناك تجمعات دافئة وثرثرة حلوة، ولا يوجد سحلب ولا تلفاز. لا يوجد أطفال في الخارج يغنون "شتي يا دنيا شتي" عندما تمطر.

تأثير الفيضانات على المخيمات

لم يجلب الشتاء هذا العام الخير والبركة. لقد جلب المزيد من المعاناة واليأس المطلق.

كانت الأمطار لعنة. الناس يدعون الله أن يجف الطقس خوفاً مما يمكن أن تفعله مياه الفيضانات بمخيمات النازحين.

واقع الملاجئ المؤقتة في الشتاء القاسي

شاهد ايضاً: ترامب ونتنياهو يلتقيان للمرة الثانية لمناقشة وقف إطلاق النار في غزة

لقد أصبح صوت الرعد الآن مثل صوت القنابل - إنه يثير الرعب. ليس لدى العديد من الفلسطينيين مكان يحتمون فيه من العاصفة. وتقول منظمات الإغاثة إن ما لا يقل عن مليون شخص ليس لديهم حماية أساسية من طقس الشتاء.

تُصنع الملاجئ المؤقتة من المنسوجات والأقمشة المشمعة والبطانيات والكرتون وحتى أكياس الأرز القديمة. وهي بالكاد تتحمل الرياح والأمطار. وفي الليل، تضطر العائلات إلى البقاء مستيقظين وهم يبذلون جهداً كبيراً في تثبيت خيامهم في مكانها حتى لا تتطاير بينما تتسرب المياه من أسفلها لتغرق المراتب والبطانيات وغيرها من المتعلقات.

في كثير من الأحيان، تكون الملاجئ واهية للغاية لدرجة أن الأمطار تدمرها، مما يؤدي إلى يأس العائلات التي فقدت كل شيء بالفعل. وقد ارتفعت أسعار الخيام والمواد اللازمة لبناء خيام مؤقتة ارتفاعاً كبيراً، تاركةً أولئك الذين تطايرت أو جرفت المياه ملاجئهم عرضة للعوامل الجوية.

العودة إلى المنازل المدمرة: خيار صعب

شاهد ايضاً: النقاد يتنازعون حول شرعية ضربات ترامب في إيران

وقد بلغ اليأس ببعضهم حداً جعلهم يعودون إلى منازلهم التي تعرضت للقصف للاحتماء بها. وحتى إذا كان المبنى متضررًا بشدة لدرجة أنه يمكن أن ينهار في أي لحظة، يبقى الناس فيه، إذ ليس لديهم خيار آخر.

التحديات في الحصول على الدفء والطعام

كما أن البقاء دافئاً يكاد يكون مستحيلاً. فقد أصبح الحطب غير ميسور للكثيرين؛ إذ يبلغ سعر الكيلوغرام الواحد الآن 9 دولارات، ومن لا يستطيعون شراءه عليهم أن يبحثوا عنه بأنفسهم، وهي مهمة مرهقة. وحتى إذا كان هناك ما يكفي من الحطب لإشعال النار، فإن ذلك لا يكفي لإبقاء الأسرة دافئة طوال الليل المتجمد.

ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتأثيرها

وما يجعل برد الشتاء أكثر قسوة هو الجوع. فمنذ أكتوبر، ارتفعت أسعار المواد الغذائية في غزة بشكل كبير. ويصل سعر كيس الدقيق إلى 200 دولار أمريكي. وقد اختفت اللحوم والأسماك تماماً من الأسواق، كما أن الخضروات والفاكهة نادرة وبأسعار باهظة.

شاهد ايضاً: لماذا رفضت الهند الانضمام إلى إدانة منظمة شنغهاي للتعاون للهجمات الإسرائيلية على إيران

وأغلقت المخابز أبوابها لعدم وجود إمدادات للخبز. ولا تستطيع الأونروا وبرنامج الأغذية العالمي، اللذان يقدمان عادةً الطعام للفئات الأكثر ضعفًا، تلبية الطلب. وتقوم مطابخ الحساء بتوزيع وجبات من الحمص والعدس والأرز، ولكن كل عائلة تحصل على طبق واحد فقط، وهو بالكاد يكفي لشخص واحد.

الأمل في غدٍ أفضل: هل سيعود الخير إلى غزة؟

في الليل، في كل مخيم من مخيمات النازحين، يمكن سماع صرخات الأطفال الجائعين وهم يتوسلون آباءهم لإعطائهم الطعام.

لقد تلاشت ذكريات الدفء والبهجة التي كانت تملأ المنازل خلال فصل الشتاء في غزة. ويسود اليأس والبؤس في هذا البرد القارس. يبدو أن معاناة الشعب الفلسطيني لا نهاية لها. ويعيش الكثيرون على أمل خافت بأن الحرب والإبادة الجماعية ستنتهي، وأن الطعام سيتوفر مرة أخرى وسيحصل الناس على مأوى مناسب. وأن يعود الخير والبركة إلى غزة يومًا ما.

أخبار ذات صلة

Loading...
جنود إسرائيليون مسلحون خلال مداهمة في نابلس، حيث شهدت المدينة غارات عسكرية أسفرت عن إصابات بين المدنيين.

عشرات الجرحى جراء اقتحام القوات الإسرائيلية نابلس في الضفة الغربية المحتلة

في غارة عسكرية مفاجئة، أصيب العشرات في نابلس، حيث أطلق الجنود الإسرائيليون النار والغاز المسيل للدموع على السكان. مع تصاعد العنف في الضفة الغربية، تزداد الحاجة لمتابعة الأحداث عن كثب. تابعوا التفاصيل المروعة لهذه المداهمة وما خلفته من آثار على المدنيين.
الشرق الأوسط
Loading...
داخل كنيسة مار إلياس في الدويلعة، يظهر الناجون والفرق الطبية وسط الفوضى والدمار بعد الهجوم الانتحاري، مما أدى لمقتل وإصابة العشرات.

ارتقاء 20 على الأقل في هجوم انتحاري على كنيسة في دمشق، وإصابة العشرات

في هجوم إرهابي مروع، استهدف انتحاري كنيسة مار إلياس في ضواحي دمشق، مما أدى لارتقاء 20 شخصًا وإصابة عشرات آخرين. بينما تتعافى سوريا من حرب أهلية مدمرة، يبرز هذا الاعتداء كتحذير من خلايا داعش النائمة. تابعوا تفاصيل الحادث المؤلم وتأثيره على المجتمع السوري.
الشرق الأوسط
Loading...
يد تُمسك بصاروخ مزين بنجمة داود، بجانبه علبة وقود، مما يرمز إلى التوترات العسكرية بين الولايات المتحدة وإسرائيل في الشرق الأوسط.

هل تسعى إدارة بايدن إلى خفض التصعيد أم أنها تدفع نحو حرب في الشرق الأوسط؟

في خضم تصاعد العنف في الشرق الأوسط، تتكشف الحقائق حول دور الولايات المتحدة في دعم الهجمات الإسرائيلية على غزة ولبنان. بينما تدعي واشنطن السعي للتهدئة، تشير الأدلة إلى تورطها الفعلي في التصعيد. هل ستستمر في دعم إسرائيل أم ستعيد النظر في سياستها؟ اكتشف التفاصيل المثيرة في هذا المقال.
الشرق الأوسط
Loading...
مظاهرة حاشدة في الخرطوم، يظهر فيها الجنود السودانيون وقادة الجيش، مع رفع الأيادي تعبيرًا عن الدعم خلال الهجوم لاستعادة العاصمة.

هل تقترب قوات الجيش السوداني من استعادة الخرطوم؟

في خضم الصراع المستمر في السودان، يشن الجيش هجومًا حاسمًا لاستعادة السيطرة على الخرطوم من قوات الدعم السريع، مما يبعث الأمل بين المدنيين الذين عانوا من الانتهاكات. هل ستنجح هذه الخطوة في تغيير مسار الحرب؟ تابعوا التفاصيل المثيرة.
الشرق الأوسط
الرئيسيةأخبارسياسةأعمالرياضةالعالمتكنولوجيااقتصادصحةتسلية