رحلة حياة الرائد الفضائي السوري: أسرار وتحديات
قصة حياة الرائد الفضائي السوري الأول والوحيد، محمد فارس، ومغامرته في الفضاء ورحلته بعد العودة إلى الأرض. اقرأ المزيد حول تحولاته ورحلته الصعبة على موقعنا الإلكتروني الآن.
"محمد فارس: أرمسترونغ العالم العربي" يموت أول رائد فضاء سوري في المنفى
توفي محمد فارس، المعروف باسم "أرمسترونغ العالم العربي" ورائد الفضاء السوري الوحيد، عن عمر يناهز 72 عاماً في المنفى في مدينة غازي عنتاب التركية يوم الجمعة، متأثراً بمضاعفات نوبة قلبية تعرض لها قبل شهر، وفقاً لأحد أصدقائه المقربين الذي تحدث إلى CNN عبر الهاتف.
في عام 1987، أمضى فارس، وهو طيار في القوات الجوية السورية، ثمانية أيام في الفضاء مع برنامج الاتحاد السوفييتي للرحلات الفضائية "إنتركوزموس". طار فارس مع طاقم سوفييتي إلى محطة مير الفضائية ليصبح رائد الفضاء السوري الأول والوحيد وثاني عربي يصل إلى الفضاء.
احتشد السوريون لمشاهدة اللحظة التي تحدث فيها الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، والد الرئيس الحالي بشار الأسد، مع فارس خلال مكالمة هاتفية بثها التلفزيون الرسمي على الهواء مباشرة، بينما كان فارس في الفضاء، وسأله عما يمكن أن يراه. فأجاب فارس: "أرى بلدي الحبيب، أراه رائعاً وجميلاً كما هو حقاً". هذه الكلمات، على الرغم من أنها تبدو غير ضارة، إلا أنها كانت بداية سقوطه.
في فيلم وثائقي بثته شبكة الجزيرة الإخبارية في عام 2023، كشف فارس أنه اختار عدم قراءة خطاب مكتوب مسبقًا خلال المكالمة الهاتفية المباشرة وارتجل بدلاً من ذلك، مما أثار غضب الديكتاتور السوري الذي لم يكن معتادًا على مشاركة الأضواء مع سوري آخر.
عند عودته إلى سوريا، احتفى عشرات الآلاف من السوريين بفارس كبطل قومي. إلا أن حافظ الأسد كان له رأي آخر. فخلال حفل تقليد الوسام، حيث كان البروتوكول المتبع هو أن يقوم الرئيس بتعليق الوسام حول عنق المتلقي، وبدلاً من ذلك تم تسليم فارس الوسام في صندوق.
قال فارس في مقابلة أجريت معه في سنواته الأخيرة أنه طلب من الرئيس تمويل برنامج فضاء وطني للمساعدة في تعليم المزيد من السوريين للسير على خطاه في الفضاء، لكن الأسد رفض لأنه - بحسب فارس - لم يكن مهتماً بمساعدة أبناء بلده على تطوير أنفسهم.
وقال فارس إن "الستار أسدل" في تعامله مع حافظ الأسد خلال لقائهما الأخير الذي حضره رائد الفضاء السعودي الأمير سلطان بن سلمان. وذكّر الأسد فارس بلحظة أثناء الإقلاع عندما صرخ "يا الله"، والتي تترجم حرفياً "يا الله" ولكنها بالعامية العربية تشبه قول "هيا بنا"، والتي زعم الأسد أنها كانت مهينة للروس. وردّ فارس قائلاً: "لم يكن الروس منزعجين؛ فقد كان ذلك أمرًا عاديًا بالنسبة لهم".
عاش فارس حياة هادئة في حلب بعد عودته إلى الأرض. وبعد وفاة حافظ وصعود ابنه بشار الأسد إلى الرئاسة، كان فارس داعمًا للثورة السورية التي بدأت في عام 2011. قرر فارس في عام 2012 الانشقاق ومعارضة النظام السوري علناً، مما عرّضه وعائلته لخطر يهدد حياته وحياة عائلته.
"عندما قررنا مغادرة سوريا، فرقت أولادي في أحياء مختلفة من حلب لنلتقي في نقطة معينة. غادرنا في سيارة مع الشخص الذي ساعدنا على الهرب." قال فارس للجزيرة في عام 2023.
وأضاف فارس: "كانت هناك طائرة هليكوبتر تحلق في سماء المدينة، لكن ما إن دخلنا بلدة كان الجيش السوري الحر يحمل رشاشات حتى انسحبوا".
بعد أيام، انتقل فارس إلى تركيا للعيش كلاجئ. وأصبح يحظى بشعبية كبيرة بين مجتمع اللاجئين السوريين في إسطنبول. وفي عام 2020، حصل فارس على الجنسية التركية، كما ذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون التركية الرسمية TRT.
كان فارس، الذي عاش في روسيا بين عامي 1985 و1987 للتدريب في مدينة النجوم المغلقة في منطقة موسكو قبل رحلته الفضائية وحصل فيما بعد على لقب بطل الاتحاد السوفييتي، ينتقد دعم روسيا للنظام السوري. وفي مقابلة أجراها في مارس 2016 مع وكالة أسوشييتد برس قال فارس إنه يأسف لدعم موسكو للديكتاتورية في سوريا، قائلاً "أنا آسف جداً على التدخل الروسي الذي وقف إلى جانب الديكتاتور بشار الأسد، وبدأ بقتل الشعب السوري بطائراتهم."